قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الزواج هكذا يجب أن يكون .. الجزء الأول

الحديث عن الزواج حديث عن موضوع واحد ذي أبعاد متعددة، منها البعد الديني والبعد الاجتماعي والعقلي وكذلك البعد العرفي والإنساني.

نحن بصدد الحديث عن الزواج من جانبه المشترك بين البشر كافة، وهو الجانب الإنساني الفطري، الذي ينظر إلى الزواج أنه علاقة بين رجل وامرأة يسعيان إلى بناء حياة مشتركة، يجد كل طرف منها السكينة والمودة والرحمة لتكوين أسرة سوية يسعد في أجوائها جميع أفرادها.

نحن في بحثنا هذا نقر في البداية أن هدف هذا الاجتماع يجب أن يكون سعادة أطرافه، من خلال تحديد ما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة.

المودة والرحمة أسس استدامة الزواج

لو سلطنا الضوء على كلمة “مودة ورحمة” لوجدنا أن العلاقة الزوجية لا بد أن تكون على هذين الركنين العظيمين، وخلو العلاقة منهما تهديد عظيم من البداية لفشل تلك العلاقة، إذ لن يبقى من العلاقة إلا العلاقة المادية بين الرجل والمرأة، والتي من بعض نتائجها التسلط وسيطرة طرف على طرف وزيادة الكراهية والخلافات…

هذا دون مبالغة حال أغلب زيجات اليوم، والذي بدوره جعل من الزواج اليوم بهذا المنظور المادي علاقة مشوهة غالبًا لا تستمر، وإن استمرت فهي تعاني أشد أنواع المعاناة بين الرجل والمرأة ومن بعدهما الأبناء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أما الحياة القائمة على المودة والرحمة نجد فيها كل طرف يقدم أغلى ما عنده للطرف الآخر، لا لشيء مادي ولا يريد منه أجرًا، إنما فقط لأنه شريك حياته، حتى تتحول العلاقة بالتدريج إلى علاقة الرحمة والأنس فلا يستطيع أحدهما العيش دون الآخر.

نظرة واقعية للزواج

المودة والرحمة

إن النظرة الواقعية إلى الزواج تعطي له مكانة قل نظيرها، هو دون شك من النعم الكبيرة التي يحصل عليها الإنسان في الحياة الدنيا، وهو البناء الأهم لبناء المجتمع، وهو أحد أهم الظواهر التي لا يمكن اجتنابها في الحياة البشرية.

تلك الظاهرة الأهم والتي يسعى الجميع إليها يجب أن تخرج من إطار المظاهر المادية غير الضرورية، والنظر إليها نظرة واقعية بتحديد أبعادها الحقيقية بين الرجل والمرأة، بالبحث عن المشترك بينهما على المستوى الفكري ونظرة كلٍ منها إلى الزواج نفسه وإلى تكوين الأسرة، لأن ذلك دون شك هو المحدد لما ستكون عليه العلاقة الزوجية فيما بعد.

عندما تتحدث إلى الشباب اليوم حول الزواج تجدهم غير مدركين لبركات الزواج في زيادة السكينة والاستقرار وكذلك زيادة الرزق، فهم غالبًا مقتنعين بالكلام الذي يدور على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل، حول صعوبة الحياة الزوجية وكثرة الالتزامات المادية فيها، وهذا صحيح، لكن ليس بسبب الزواج بل بسبب النظرة المادية إلى الزواج.

معنى الزواج الحقيقي

الزواج يمكن أن يكون بسيطًا جدًا من حيث متطلبات البدء في الحياة الزوجية، ومع مزيد من التدبير والتخطيط وبذل الجهد والمشاركة ستكون الحياة الزوجية حياة لها معنى جميل وراقٍ، فالزواج الحقيقي لن يؤسس لمصاعب خاصة في الحياة، بل إن المصاعب تأتي من نمط الحياة نفسها التي يعيشها الفرد متأثرًا بنمط الحياة المادية الاستهلاكية، على النمط الغربي الذي حدد الحياة السعيدة بتلك الحياة التي نستطيع فيها الشراء والتمتع المادي فقط.

هذا النمط من الحياة هو الصعب وليس الزواج، فمن الطبيعي أن يسعى الإنسان إلى سد حاجته، لكن الواقعي سد ما يحتاج إليه فقط وليس الحصول على ما يشاهده في المسلسلات والأفلام من أنماط غريبة في الحياة، فغالبية الناس للأسف الشديد تعمل بالتبذير بدل التدبير، وتخترع احتياجات وهمية وأمور زائدة عن حاجتها.

تعرف على: الفارق بين الرجل الشرقي والغربي

من يتحمل أثقال تكاليف الزواج؟

المودة والرحمة

كم من تكاليف للزواج يمكن الاستغناء عنها، مثلًا على سبيل المثال صالات الأفراح والإسراف الكبير جدًا في ليلة الزفاف، كذلك لباس العرس كم أصبح غالي الثمن لمجرد ساعة أو ساعتين، وما هذا إلا تأثر بالحالة النفسية التي أسسها الفكر الغربي أيضًا لكيفية السعادة والاحتفال، إنه وهم وعبء يُحمل على الشباب في مقتبل الحياة، إذ يمكن الاحتفال بملابس جميلة لكنها غير غالية الثمن.

كذلك الشبكة يمكن الاستغناء عن جزء كبير منها، فهي في الأساس هدية رمزية يمكن أن تكون بسيطة تعبر عن الحب لا أكثر ولا أقل، نحن لا نعارض الفرح بل نعارض التبذير الذي أصبح للأسف أمرًا واقعًا لدرجة أنه لا يمكن التخلي عنه، كذلك يمكن الاستغناء عن كثير من متطلبات تجهيز بيت الزوجية والاكتفاء بالقدر الذي يحتاج إليه الشاب والفتاة في بداية حياتهم، الزواج السعيد ليس الزواج الذي يكثر فيه الإنفاق بل الزواج القائم على التفاهم ومراعاة ظروف كل طرف.

يجب أن يتفوق الجانب المعنوي على الجانب المادي للزواج، فهذا هو المحور الأهم اليوم والذي يجب أن يفهمه الجميع ويساهموا في تأصيله، لأنه بكل وضوح عندما يغلب الجانب المادي على الجانب المعنوي يفقد الزواج قيمته الحقيقية، ويصبح شبيهًا بالتجارة أو الصفقة، وهو ما أدى إلى فشل كثير من الزيجات اليوم، هذا الفكر يجب أن يتبدل بفكر واقعي حقيقي يضع الأمور في مكانتها الحقيقية، ويرد للزواج قيمته المعنوية وليست المادية فقط.

فلسفة الزواج السعيد

ليس هناك مال أو ثروة تعادل الإنسان، فليس المهر الغالي هو ما يعطي المرأة قيمتها، وليس هناك دخل لرجل يمكن أن يعادل شخصيته، فكلما كانت العلاقات بين الرجل والمرأة إنسانية اقتربت العلاقة بينهما من مضمونها الحقيقي من المودة والرحمة والاحترام والتقدير المتبادل، والذي ينعكس –دون شك– إيجابيًا على تكوين الأسرة فيما بعد، والأولاد وطريقة تربيتهم وطبيعة الحياة التي سيعيشون فيها، فغلاء المهر والتكاليف ليس شرفًا ولا ضمانة، بل الشرف والضمانة في أخلاق الزوج والزوجة.

إن زيادة تكاليف الزواج مضر جدًا بالمجتمع، إذ يصبح مع مرور الأيام عرفًا يلزم الجميع، مما يسبب نقصًا شديدًا في معدلات الزواج نتيجة تفاوت الظروف الاجتماعية لكثير من الشباب، والذي لا يستطيع تحمل تلك التكاليف الكبيرة، ويبقى كثير من الشباب دون زواج وكثير من الفتيات جليسات البيوت.

إذا أصبح موضوع الماديات الأساس في الزواج، فإن المعاملات العاطفية والروحية بين الزوجين سوف تتحول إلى معاملة مادية تخرب الزواج، إن عزة المرأة ليست في أثاثها فجهاز العرس ليس مدعاة للعزة في الواقع، ومن يعد أثاث البيت معيارًا لطبيعة وجودة الحياة فهو مخطئ جدًا، فكم من زيجات تكلفت كثيرًا وانتهت في النهاية بالفشل والعكس بالعكس.

يتبع…

مقالات ذات صلة:

التضامن من أجل الزواج

مشكلات صعوبات الزواج مرة أخرى: أريد حلا

لأن الزواج الحلال أجمل، لا تنتظر! 

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا