مقالات

الاقتصاد والحرب

يذهب المتفائلون الليبراليون أنه بتفاهم دول العالم فيما بينهم على قيم التسامح والحوار والإيمان بالديمقراطية والحوكمة العالمية من خلال المؤسسات الدولية القادرة على حل المشكلات والمنازعات فيما بين الدول وبالتبادل التجاري بين الدول كل ذلك من شأنه أن يُذهب شبح الحروب والتقاتل بين سكان المعمورة .

ما يعضد هذا التفاؤل الليبرالي ويقويه الزيادة الملحوظة في عدد الدول الديمقراطية التي تشكل البيئة الخصبة للاستقرار وعدم التنازع من 22 دولة سنة 1974 إلى 88 دولة عام 2015 أضف إلى ذلك إعلان الألفية عام 2000 وإعلان الدول من خلالها الالتزام بمبادئ الديمقراطية .

على طرف النقيض نجد المتشككين الواقعيين يعلنون أن هاجس الحرب مازال ماثلا للعيان وخطره لم ينزوِ بعد بسبب الفوضى وانعدام الأمن.

الفوضى العالمية التي تسببها ممارسات المؤسسات الاقتصادية العالمية وما يترتب على ذلك من انعدام الأمن عند الدول الفقيرة المظلومة من هذه الممارسات الرأسمالية الجشعة، والرعب من المشكلات الاقتصادية العويصة والتي من الممكن بسببها أن تحدث فوضى داخلية داخل هذه الدول وبالتالي الفوضى العالمية الكبرى .

منظمة التجارة العالمية

المقصد المعلن من هذه المنظمة هو تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول العالم والاتجاه بها لاقتصاد السوق حيث المنافسة الحرة التي من شأنها أن تزيد الإنتاج وتحسن جودة المنتجات وتجعل أسواق دول العالم مفتوحة لبعضها البعض دون أى قيود تضعها أي دولة في مواجهة منتجات دولة أخرى .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وعلى الرغم من هذه الفوائد البراقة للاقتصاد العالمي إلا أن الهدف المخفي هو سيطرة الدول ذات التكنولوجيات المتقدمة على الدول الضعيفة وجعلها سوقا استهلاكية ضخمة لبضائعهم.

هذا الأمر جعل كثيرا من الدول المنضمة لمنظمة التجارة العالمية والتي أُجبرت على هذا الانضمام وإلا واجهت العزلة الدولية. هذه الدول التحقت بتكتلات اقتصادية تحميها من هذه الممارسات كتكتل البريكس وتكتل الكوميسا وتكتل الاتحاد الأوراسي وتكتل دول الأسيان وغيرها من التكتلات .

مظاهرات وول إستريت

لم يكن يخطر على بال الليبراليين المتفائلين أن ينقلب السحر على الساحر وتشتعل التظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية في شارع “وول ستريت” بمدينة نيويورك وتتحول بعد ذلك لحركة عالمية للمطالبة بسقوط النظام الرأسمالي العالمي وضد جشع الرأسماليين وتفشي الأزمة الاقتصادية العالمية وخروجها عن السيطرة بسبب الممارسات الرأسمالية الجشعة .

الحق يقال أن ممارسات الدول الليبرالية الاقتصادية الديمقراطية كما يحلو لها أن يطلق عليها بتوجهاتها النيوليبرالية المتطرفة في الاقتصاد، وعدم اعترافها بالدول الهشة اقتصاديا وسياسيا أحدثت فوضى عالمية مدمرة وانعدام أمن مما ينذر بالانهيار العالمي.

لقد ركزت الثروة العالمية في حوزة ال1% في حين باقي سكان المعمورة يعيشون على فتات ال1% في هذا الجو الخانق.

كيف يتحقق الاستقرار والسلم الدوليَّان بين دول العالم؟ كما يحلم الحالمون من الليبراليين النيوليبراليين الاقتصاديين؟!

اقرأ أيضاً:

خطايا الرأسمالية

الرأسمالية وتشكيل الأيدولوجيات داخل المجتمع

الإنهيار الاقتصادي القادم

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة