من أين جاء هذا الاسم؟
حين تسأل أي شخص في بلادنا عن منابع نهر النيل سيقول لك بحيرة فيكتوريا! من أين جاء هذا الاسم؟ من الاستعمار البريطاني في القرن التاسع عشر! اسم ملكة إنجلترا في آخر القرن التاسع عشر!
طيب يعني هذه البحيرة لم يكن لها اسم قبل الاستعمار؟
لا طبعًا كان لها اسم، ويعيش حولها شعوب إفريقيا، ووصل إليها الرحالة المسلمون، ويتاجر الناس حولها، وتسافر فيها المراكب، وتكونت دول وممالك وبلاد! كان اسمها بحيرة أوكيريوي (Ukerewe) أو نيانزا، كما كان يسميها أهلها والسكان من حولها، وهو اسم جزيرة هناك اليوم.
لكن اليوم نستعمل المصطلح الاستعماري لوصف البحيرة كلها! كأن العالم والتاريخ لم يبدأ إلا مع الاستعمار والقرن التاسع عشر الميلادي!
للأسف نستعمل كثيرًا من أفكار الاستعمار ومصطلحاته من القرن التاسع عشر، رغم أنها خطأ.
مصطلحات الفكر الاستعماري المتداولة
مثلًا: كلمة الشرق الأوسط مصطلح استعماري ظهر في القرن التاسع عشر، فيه تعد غرب أوروبا (إنجلترا وفرنسا) نفسها المركز، والشرق الأدني (القريب) هو شرق أوروبا، يعني روسيا وبولندا وأوكرانيا، إلخ (near east).
ثم الشرق الأوسط هو العالم الإسلامي، ويمتد من حدود الصين إلى المغرب العربي (Middel easy)، رغم أن المغرب أكثر غربًا من فرنسا مثلًا! والشرق الأقصى هو الصين واليابان وكوريا (Far East).
هذا المصطلح الاستعماري وغير المنطقي نستعمله اليوم، لكن يتغير معناه وفق الجهة التي تستعمله. فمثلًا: وفق الاستعمار الأمريكي الحالي، فالشرق الأوسط هو دول الخليج العربي ومصر والشام والعراق وإيران وتركيا.
في حين أنه وفق بعض الملفات الغربية الأخرى، يعد الشرق الأوسط هو الدول العربية (من المغرب إلى العراق) ومعها إيران وتركيا.
في بعضها الآخر نجد العالم الإسلامي كله، بل ومعه وسط آسيا ووسط إفريقيا، غير أن في عقولنا، يجب أن نسمي أنفسنا: العالم الإسلامي، ولسنا الشرق الأوسط!
ضرورة التحرر من الفكر الاستعماري
علينا التحرر من مصطلحات الغرب، ونظرة الاستعمار إلينا، لأننا أصبحنا ننظر إلى أنفسنا بنظرة الأعداء نفسها إلينا! وبكراهية الغرب نفسها لنا، وبتشويه الغرب نفسه لنا! وننفذ مؤامرات الغرب نفسها وتشويهه لنا بأيدينا وبأنفسنا! لأن عقولنا لا تزال تعيش في القرن التاسع عشر!
حتى أصبح النقد الذاتي وتشويه الذات عندنا عادة تخدم الغرب وتزرع في عقولنا أننا شعوب لا رجاء منها ولا فائدة، وعليها القبول بالخضوع والعبودية للغرب ومؤامرات الغرب والاستعمار!
حرية الأوطان ونهضتها تبدأ من استقلال العقول وحريتها.
مقالات ذات صلة:
نقد ما بعد الاستعمار “ما بعد الكولونيالية”
هكذا يربي المستعمر ليضمن بقاءه
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا