أنصحك أن لا تصدق هذا التقييم
لو تخيلنا مثلًا أن مطعمًا ممتازًا في كل شيء يذهب إليه 100 شخص كل يوم، من الـ100 شخص يخرج 95% سعداء وراضين عن الطعام والخدمة، لكن من الطبيعي أن يخرج 5% غير راضين لأي سبب عن الطعام أو الخدمة، هذا يعني أنه مطعم رائع وناجح وممتاز!
لكن هؤلاء الـ5%! غير راضين ربما لعيوب في طلباتهم أو عقولهم أو مشاكل حدثت بالصدفة أو أي شيء، أو حدث أي شيء لم يتناسب مع رغباتهم، المهم أن 5% فقط غير راضين، بينما 95% راضين.
هذا يعني أن 95% راضين عن الخدمة وهذه نسبة عالية جدًا جدًا، فهو بكل تأكيد مطعم رائع، ولن أصدق الـ5% مقابل الـ95%.
لكن من الطبيعي أن أغلب الـ95% السعداء سوف ينصرفون بعد الطعام اللذيذ والخدمة الممتازة ليكملوا حياتهم العادية الطبيعية، ومشغولياتهم الكثيرة، فلديهم في الحياة أمور كثيرة هامة وأكثر أهمية من تقييم المطعم أو من أن يحكوا للناس عن روعة وجمال المطعم.
لكن أيضًا من الطبيعي أن أغلب الـ5% المتضايقين أن يخرجوا من المطعم يشعرون بالغيظ والضيق والغضب، ويريدون أن يعاقبوا المطعم وينتقموا، وينفسوا عما بداخلهم!
بناء عليه، حين تجد عدد المستعدين لكتابة تعليقات أو تقييم عن المطعم على جوجل أو الإنترنت، ستجد عدد المهتمين بكتابة تعليق سلبي أكثر بكثير من المستعدين لكتابة تعليق إيجابي.
من ثم حين تدخل على تقييم المطعم على الإنترنت، رغم أنه مطعم رائع، ستجد تقييمات سلبية كثيرة، أو تعليقات شكاوى.
حين تختار مطعمًا أو شركة أو مكانًا أو طبيبًا أو مهنيًا، وتبحث عنه على مواقع التواصل الاجتماعي أو جوجل، هل تنظر في التقييم أو تعليقات الناس عن هذا المكان؟
هل تهتم أو تصدق ما يكتبه الناس من تعليقات عن هذا المكان؟ أو تثق في عدد النجوم أو التقييم الذي يضعه جوجل أو مواقع التواصل أو الإنترنت؟
أنصحك أن لا تصدق هذا التقييم ولا هذه التعليقات.
لماذا؟
ببساطة يوجد في علم النفس ما يسمى (Survivorship bias) انحياز البقاء؛ أن الذين لا تراهم أكثر بكثير من الذين تراهم وتسمع صوتهم!
تمامًا مثل قصص النجاح التي تسمعها، وتسمع نصائحها، وتنسى أو لا تعرف أن أمام كل قصة توجد مئات القصص من الفشل التي لا تسمع عنهم، لأنهم لم يصبحوا مشهورين لتراهم في الإعلام ويكون لهم صوت عالٍ وانتشار.
كذلك في التعليقات على الإنترنت وجوجل.
إن عدد المهتمين بكتابة تعليقات أو تقييم، يكون أغلبهم مهتم ولديه دافع شخصي، لكن 99% من الناس لا يهتم بتضييع وقته في كتابة تعليقات أو تقييمات أصلًا! لأن حياته فيها ما هو أهم بالنسبة إليه!
المهتم بكتابة تعليق أو وضع تقييم عن محل أو مطعم أو مهندس أو طبيب أو شركة على الإنترنت، إما أن يكون من الأصدقاء والأحباء، أو شخص سعيد جدًا، وهذا سيكتب تعليقًا جيدًا وإيجابيًا عن المكان.
لكن الأغلبية ستكون العكس، شخص متضايق ويريد التنفيس عن غضبه، سيكتب نقدًا أو تعليقًا سلبيًا وشكوى، حتى لو كان عدد هؤلاء الأشخاص قليلًا في الواقع، لكن صوتهم عالٍ وكلامهم كثير على الإنترنت.
الخلاصة، لا تصدق تقييم جوجل ولا مواقع التواصل الاجتماعي عن أي مكان أو شيء، فعلم النفس يقول أن فيها تلاعبًا كبيرًا، وانحيازات نفسية كثيرة تؤثر على التقييم، فضلًا عن تلاعب شركات الدعاية مدفوعة الأجر والإعلان عبر الإنترنت.
مقالات ذات صلة:
التقييم والتقويم وصولًا للقيمة
هل استعمال مواقع التواصل الاجتماعي جعلك إنسانا أفضل؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا