
العالم كله يعرف ما حدث في مذابح المسلمين الروهينجا والتطهير العرقي في دولة ميانمار البوذية في جنوب شرق آسيا، الذي حدث في سنة 2016 و2017، لكن كثيرًا من الناس لا يعرفون دور الفيس بوك في هذه المذابح.
تقول التحقيقات ومنظمة العدل الدولية أن منظومة خوارزميات الفيس بوك كانت تروج للإشاعات والتحريض على المسلمين في ميانمار، يعني لو راهب بوذي متطرف مثل (Wirathu) (الراهب البوذي المتطرف الشهير باسم: وجه البوذية المخيف)، يقول خطب تحريض ضد المسلمين، الفيس بوك يجعلها أكثر انتشارًا وتظهر لكثيرين، يزود الريتش (reach)، في حين لو صوت عاقل لا ينشره الفيس بوك ويجعل مشاهدته محدودة.
لو إشاعات وأخبار كاذبة تروج لجرائم ارتكبها مسلمون، تنتشر وتحقق مشاهدات عالية، في حين لو خبر يكشف كذب هذه الأخبار، لا ينتشر ولا يحقق مشاهدات عالية!
بالمناسبة، هذا ما يحدث في الهند اليوم في إشعال كراهية الهندوس ضد المسلمين.
هذا يجعلك تفهم، لماذا بعض الإشاعات تعمل خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي على نشرها، ولماذا تحرص مواقع التواصل الاجتماعي على نشر التفاهة في بلادنا، والفساد والأفكار التي تدمر المجتمع والأسرة والبلد.
هذا ليس صدفة، ولا بسبب أنها أخبار جيدة المحتوى أو ملفتة للانتباه ولها جمهور كبير، لكن لأن خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي تُعدَّل وتُصمَّم كي تنشر في بلادنا رغبات من يتحكم في هذه الشركات وما يريده.
من يتحكم في هذه الشركات هم الأقلية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعن طريق هذه المواقع تصنع الوعي وتزرع الأفكار في عقول الشعوب، لأن أغلب الشعوب تجد الوسيلة السهلة للمعلومات ليس الكتب والدراسات المتعمقة، لكن مواقع التواصل والصور والميم والحواديت السطحية التي تُعدّ بعناية وتُنشر عن طريق خوارزميات.
يعني لو حضرتك تجد صورًا أو أفكارًا معينة تظهر لك كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا لا يعني بالضرورة أنها أفكار جيدة أو منتشرة، حتى لو وجدت عليها مليون لايك ومليون إعجاب ومشاركة، بل غالبًا يعني أن خوارزميات الفيس بوك وغيرها هي ما تنشرها لسبب ما في بلدك، في حين لا تنشرها في بلد آخر.
الدرس
ما تراه منتشرًا على مواقع التواصل الاجتماعي في بلدك من مواضيع أو أفكار أو أخبار أو صور أو فيديوهات، هو انتشار ليس لأن الناس مهتمة به أو لأنه مهم ويعبر عن تفكير الناس، لكن لأن مواقع التواصل الاجتماعي تنشره بقصد منها في بلدك لخطة في عقل من يديرها. بالتدريج تتحول عقول الناس حولك في بلدك لهذا التفكير الذي تزرعه مواقع التواصل الاجتماعي في عقول الناس.
الناس كلهم في بلادنا تستعمل رسائل الواتس آب والماسنجر، في الخصوصيات كلها؛ التواصل بين الزوج وزوجته، بين المريض والطبيب، بين الضابط والعساكر، بين المسؤول والمرؤوسين، بين البائع والشاري، لكن هل تعرف أن هذه الرسائل كلها يشاهدها طرف ثالث وطرف رابع وطرف خامس؟!
المعروف أن هذه الرسائل كلها يشاهدها معك أنت وزوجتك ويقوم بتخزينها والتعلم منها عاملون في شركة ميتا، التي تملك الفيس بوك والماسنجر وواتس آب والإنستاجرام، تحت شعار تخزين البيانات ومراجعتها والتعلم منها لتطوير التطبيق!
كما يشاهدها ويحتفظ بها أيضًا في السجلات جهات تابعة للمخابرات الأمريكية، تحت شعار مراقبة العالم ومكافحة الإرهاب!
وأخيرًا ظهرت فضيحة أن إسرائيل تضع في هواتف سامسونج كلها في الشرق الأوسط وسيلة للتجسس على محتويات المحمول ورسائله ومكالماته كلها (جزء من رعاية ماما أمريكا لابنتها الدلوعة البليدة إسرائيل)، هذا فضلًا عن جهات أخرى لا نعرفها.
بناء عليه يجب أن تعرف أن أي مكالمة أو رسالة أو صورة ترسلها عبر أي تطبيق، هناك أطراف أخرى تراها وتتابعها، وتحتفظ بها وتخزنها في ملف، كي تستعملها يومًا ما، بعد سنة أو عشرين سنة.
يعني لو حضرتك شاب عسول بتحب واحدة، وبينكم رسائل غرامية مثلًا، ممكن حضرتك بعد عشرين سنة تكون كبرت وعقلت وتطورت، وأصبحت تشغل مركزًا مرموقًا في مهنتك أو في حكومتك، تجد من يخرج لك هذه الرسائل ليستعملها في تخويفك وابتزازك واستغلالك!
لو حضرتك مريض وأرسلت التحاليل إلى دكتور أو صاحبك، في أشخاص يسجلون هذه الأسرار الطبية والخصوصيات وممكن يستعملها ضدك يومًا ما.
لو حضرتك مسؤول في الحكومة وترسل تعليمات للموظفين أو تتناقش معهم في موضوع أو قرار أو مشروع، حتى لو مش أسرار عسكرية، هناك من يرى هذه الرسائل ويجمعها ويسجلها.
كله متسجل!
حتى ما تبحث عنه على جوجل وغيره، أو ما تسأل الذكاء الاصطناعي عنه في حياتك الخاصة والعامة، كله متسجل، وكله يراه أشخاص آخرون غيرك يتجسسون عليك ويسجلونه عندهم.
يعني لو حضرتك بتدخل على جوجل تسأله عن مواقع إباحية، كله متسجل وممكن يومًا ما تتوب وتبقى شخص محترم، أو تكبري وتبقي أم وعندك أولاد، أو تشتغل في مكان حساس، لكن ممسوك عليك إنك كنت تدخل على الإنترنت لمشاهدة صورة إباحية أو أفلام وقصص عاطفية عبيطة!
الدرس
أي تعامل عبر الإنترنت أو التليفون مثل الحديث في المصعد (أسانسير)، أنت تكلم زميلك في مكان مغلق، لكن تعرف أن هناك أشخاصًا آخرين موجودون بجوارك في المكان المغلق نفسه (الأسانسير)، وقد يسمعون ما تقوله لصديقك، حتى لو كان صوتك واطي!
هذا يفسر لك تسريب كثير من أسرار البلاد ومعرفة العدو لأماكن المقاومة في لبنان وإيران وغيرها، إلخ.
الدرس
احترس في التعامل مع وسائل التواصل، ولا تصدق أي كلام تراه، وفكر في تبعات كل كلمة على المدى البعيد.
الحل: دائمًا راجع ثوابت الدين في كل تصرف وكلمة تقولها أو تكتبها أو تسمعها أو تراها.
علشان لو في يوم من الأيام حد قال لك إنك عملت كذا من عشر سنوات أو عشرين سنة، تقول: هذا متناسق مع ديني وأخلاقي ومبادئي.
مقالات ذات صلة:
الثقافة الخوارزمية ومواقع التواصل الاجتماعي!
نحو ذكاء اصطناعي متوافق مع القيم الإنسانية
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا