هذه المسألة فيها أمور
واحدة من قواعد العلمانيين التي يحرصون عليها قاعدة: الحرية، أو عدم منع التعبير.
لماذا الخلاف حول حرية التعبير؟
وهذه المسألة فيها أمور:
–كل مجتمع له قاعدة تحكمه، والمجتمع الذي لا يمنع أي فكر ليس أكثر تميزًا من المجتمع الذي يحافظ على مبادئه، لأن المجتمع السيال الذي ليس له أسس يحتكم إليها مجتمع متضارب، وانظر إلى صرخات الآباء الذين فشلوا في رفض تعليم أبنائهم في المدارس الشذوذ، فقد ألزمتهم المدارس بقبول هذا النوع من التعليم تحت قاعدة: عدم منع شيء.
–قاعدة المنع = قاعدة عدم المنع.
لأن كلًا منهما يشكل قاعدة فيتساويان من جهة: أن كلًا منهما أساس يحتكم إليه المجتمع، فليس ثمة ميزة زائدة لأحدهما على الآخر من هذه الزاوية.
–قاعدة المنع، وهو منع الفكر الذي يزعزع ما يؤمن به المجتمع من قيم، أكثر ثباتًا واستقرارًا من قاعدة عدم المنع، وأكثر عقلانية، لأن المجتمع لا يختار قواعده المستقرة بين ليلة وضحاها بل عبر خبرات طويلة يمر بها تصقل اختياراته المستقرة التي يرتضيها طريقًا يسير فيه، فالتشكيك في هذا الخيار ذي الرصيد من الخبرات لشهوة عابرة تحت زعم حرية الخروج عن المألوف مراهقة فكرية، تحتاج أن تأخذ وقتها في الفكر قبل الصياح بما تشكله من جدة وقبل اتهام الآخرين برفض الجديد.
–لا يتمسك المجتمع بقواعده، ويكون فيه أناس يرفضون الخروج عنها، إلا وقد تعرضت هذه القواعد للاختبار يومًا بعد يوم، وعجنت في طينة المجتمع، فاتهامها بالعشوائية وأنها محافظة لا يفيد.
–الطنطنة بإعطاء المجتمع حق الانقلاب على ذاته كلما يحلو له– إقرار بضعفه الفكري وسوء اختياراته وتسرعه، ولذا يكثر من الدوران والتقلب بين المبادئ، وهذا إن كان مقبولًا في طور النشأة أو المراجعة الكلية أو الانتقال من مرحلة إلى أخرى، فإنه غير مقبول في مرحلة الأفكار المستقرة والاختيارات الثابتة.
حدود حرية التعبير
فليس ثمة مبرر منطقي يجعل ولولة العلمانيين على فقدان حرية الإلحاد المجاهر تحديًا للمجتمع المسلم قيمة أو إدانة، لأنه وفق قاعدة مجتمع الحفاظ على مبادئه، الخروج على المبادئ والتشكيك فيها خروج على المجتمع.
وليس كل خروج عن المجتمع حرية وكذلك ليس كل خروج خطرًا.
وليس كل تمسك بقواعد المجتمع تشددًا ويمينًا محافظًا، وليس كذلك كل تمسك أصالة وعراقة وانتماء.
ربما اختيارات البشر هي ما يشكل انتماءاتهم وإن كانت فردية ومخالفة للكتلة الصلبة في المجتمع التي أرى أنها أساسية في وجوده.
مقالات ذات صلة:
مفهوم الحرية: أنواعها ومفاهيمها المختلفة
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا