قضايا شبابية - مقالاتمقالات

هذا أكثر ما يرعب المسيطرين على العقول

ظهر تطبيق التيك توك منذ نحو سبع سنوات، لكنه انتشر حول العالم في منتصف 2018، وحقق نجاحًا ساحقًا لأسباب عدة.

سر نجاح تطبيق تيك توك

أولًا: لأنه يقدم تكنولوجيا تعتمد على الفيديو القصير وسهولة التحميل، مما جعله متفوقًا على الفيس بوك الذي يعتمد أساسًا على الكلام المكتوب مع الصور، والإنستاجرام الذي يعتمد أساسًا على الصور مع كلام مكتوب، في حين أن تقنية الفيديو فيهما أقل من مستوى التيك توك.

ثانيًا: لأن العقول الصينية التي تصمم وتطور هذا البرنامج صنعته بحيث ينتشر فيه المحتوى انتشارًا طبيعيًا أكثر من الفيس بوك وتويتر وإنستاجرام، يعني لا تتدخل الحكومة الأمريكية وشركة ميتا في تحديد الانتشار ومنع الآراء التي تخالف الحكومة الأمريكية وشركة ميتا ومارك زوكربيرج وإيلون ماسك.

ثالثًا: حرية التعبير فيه أعلى بكثير من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، وسيطرة أجهزة المخابرات الغربية عليه أقل.

رابعًا: هو تطبيق مثل التطبيقات كلها، يمكن استعماله في الأمور المفيدة أو الضارة، لذلك حين ظهر ظهر معه كلام عن أنه مصدر فساد وقلة أدب، إلخ! لكن اكتشفنا أنه مثل التطبيقات كلها، لو شاهدت وتابعت فيديوهات تتحدث عن الدين أو التاريخ والحكمة والفلسفات أو العلوم أو الاقتصاد، سوف يظهر لك مزيد منها، لكن لو طلبت وتابعت وشاهدت فيديوهات عن الرقص والتفاهة والتهريج، سوف يظهر لك مزيد منها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تطبيق تيك توك ودعم قضية فلسطين

لذلك فمنذ ظهوره يتعرض لحملات تشويه وتخويف، لكن رغم ذلك نجح نجاحًا كبيرًا، بخاصة بين الشباب الذين تعودوا سهولة ثقافة الفيديو واليوتيوب.

بدأت بقصص عن أنه ينشر الفسق والفجور، ثم قصص عن أن الصين تراقب الجميع (كأن أمريكا مثلا لا تراقب وفيها حرية)، ثم بدأ في عهد ترامب يشترط أن يتحول التيك توك إلى ملكية أمريكية وليس صينية، وإلا فسوف يفرض عقوبات أو يمنعه!

ثم بعد مذابح إسرائيل في غزة، وجدنا أن منصة التيك توك توفر مكانًا حرًا يعبر فيه الناس عن رأيهم دون حذف المخابرات الأمريكية وسيطرتها.

نجح التيك توك في نشر كثير من المعلومات التي لم يكن يعرفها الشباب في أوروبا وأمريكا والعالم، عن فلسطين وجرائم إسرائيل العنصرية التي ترتكبها طوال 70 سنة ضد الفلسطينيين والعرب.

حتى أن الأجيال الشابة كلها تحولت بدرجات مخيفة لتكون ضد إسرائيل وعرفت حقيقتها، وأظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة التعاطف مع إسرائيل أو تأييد إسرائيل في الشباب والمتعلمين أصبحت منخفضة، في حين لا تزال مرتفعة وسط غير المتعلمين وكبار السن والعنصريين في أوروبا وأمريكا.

لماذا تخشى الولايات المتحدة من تطبيق تيك توك الصيني؟

تطبيق تيك توك

لذلك وجدنا أمس مجلس النواب الأمريكي لأول مرة منذ عقود يتفق فيه النواب جميعهم على حظر التيك توك خلال ستة أشهر، رغم أن هذا المجلس نفسه لا يتفق على شيء منذ مدة طويلة بسبب الصراعات المريرة بين الحزب الجمهوري (أنصار ترامب) والحزب الديمقراطي (أنصار بايدن).

كلهم أصبحوا يرون التيك توك تهديدًا لأنه ليس ملك لأمريكا وسيطرة مخابرات أمريكا!

هذا مثال بسيط نرى فيه:

أولًا: القصص الزائفة عن حرية التعبير في الغرب، هي حرية تعبير في جوانب على مزاجهم! لكن هناك خطوط حمراء، ومواضيع ممنوعة.

ثانيًا: إن الحضارة الغربية تلفظ أنفاسها، وتحاول استعمال ما تبقى لديها من قوة لتعطيل تطور المنافسين.

ثالثًا: الغرب يسعى لتشويه ما لا يعجبه ومنعه ويستعمل الأسماء المضحكة مثل: الإرهاب والتطرف والعنف والديمقراطية، إلخ، والمشكلة أن البعض منا يصدقه!

رابعًا: العالم يتغير، وعقول الشباب تتغير وتخرج عن سيطرة رجال الأعمال والإعلام في أمريكا، وهذا أكثر ما يرعب المسيطرين على العقول من الإعلام والمال وشبكات التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة:

مراحل تطور مصطلح الحرب الناعمة

الصين وأمريكا عملاقان متصارعان

الفكر وتشكيل صور الإساءة الثقافية

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس