قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الخلاصة أربعة نصائح هامة

في العشرين سنة الماضية كانت وسيلة البحث عن أي معلومة هي البحث على محركات البحث على الإنترنت (search engine)، مثل جوجل ومايكروسوفت بينج وياهوو، إلخ. تظهر لك قائمة بروابط ومقالات وصور مرتبطة بالموضوع الذي تبحث عنه.

يدخل محرك البحث إلى مواقع الإنترنت ويبحث عن الكلمات المرتبطة بالموضوع الذي تبحث عنه ويقدمها لك على شاشتك.

يعني أن محرك البحث مثل أمين المكتبة يبحث لك عن الصور والمقالات المرتبطة بالموضوع.

طبعًا أمين المكتبة يمكن أن تكون له تحيزات، أو يبحث لكن لا يجد كتبًا أو مقالات تناسب موضوعك أو مقالات تحتوى على معلومات خطأ. المهم أنه يبحث لك ويقدم لك المقالات والمصادر والصور.

اليوم أصبح أغلب الناس يستعملون تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) للبحث عن معلومة أو إجابة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثلًا تشات جي بي تي أو ديب سيك أو جوجل جيميناي أو إكس جروك أو كو بايلوت، أو غيرها كثير، كلها ما يسمى: نموذج لغوي كبير (LLM). أي يتعامل مع اللغة ويتوقع الكلمات ويربطها ببعضها.

حين تسأل أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي عن شيء، يذهب إلى المعلومات المتوفرة لديه، عبر الإنترنت وغيرها (وفق ما يتدرب النموذج عليه)، ثم يعود إليك بملخص ما وجده على الإنترنت!

في آخر مقاله يمكن أن يقول لك بعض المصادر التي استخلص منها الكلام الذي يقدمه لك.

يعني تطبيقات الذكاء الاصطناعي تختلف عن محركات البحث في أنها سكرتير جيد، يذهب ليبحث ثم يعود لك بالملخص في حدود فهمه للمراجع، في حين أن محركات البحث أمين مكتبة يحضر لك المراجع ويتركك أنت تستخلص منها ما تريد وترى وتفهم.

لذلك الذكاء الاصطناعي حين نعلمه مثلًا لغة الكيمياء والبروتينات نستعمله في اختراع أدوية جديدة، وحين نعلمه لغة الحامض النووي والجينات، يساعدنا في فهم العيوب الخَلْقية والأمراض الوراثية، وحين نعلمه لغة البرمجة (coding)، يساعدنا في برمجة أي حاسوب وبأي لغة نريدها.

هي مسألة تعلم رموز أو لغة، ثم تطلب منه الكتابة بهذه اللغة بطريقة فصيحة ومنمقة ومنظمة ومقنعة.

بناء عليه، الإفراط في أن تثق بالمعلومات التي يقدمها لك السكرتير الشاطر وأن تثق بقدرته على تقديم الملخص الصحيح أمر خطير يجب أن تحترس منه. يجب أن تراجع وراءه كل معلومة يقدمها لك، وتراجع المصادر وترى لو كانت فعلًا مصادر موثوقًا بها أم لا، وهل هي مراجع حقيقية أم محض مقالات تخاريف ونظريات مؤامرة منتشرة على الإنترنت بسبب أنها سهلة أو مثيرة، مما جعلها عالية المشاهدة ومن ثم تظهر في بداية البحث.

وتنظر في المراجع نفسها وتعرف طريقة الاستنتاج، هل متأثرة بمصالح شخصية للكاتب؟ هل وراءها تمويل يؤثر على الاستنتاج والمعلومات التي تقدمها هذه المقالة؟

الذكاء الاصطناعي يقدم إجابات جيدة ومفيدة في المواضيع العلمية مثل الطب والكيمياء والرياضيات، إلخ، لكن لو سألته في التاريخ أو الأديان أو السياسة، فسوف يقدم لك إجابات أغلبها خطأ أو ناقصة، بسبب تأثره بالمصادر والمحتوي والشركات التي تسيطر عليه.

الخلاصة: أربعة نصائح هامة

أولًا: عليك أن تستعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لأنها تتحول تدريجيًا إلى جزء طبيعي من الحياة اليومية للبشر كلهم، تمامًا مثل المحمول والإنترنت، يعني لو لم تستعمله، ستكون خارج مسار التاريخ.

ثانيًا: عليك أن تنظر إلى وسائل الذكاء الاصطناعي أنها سكرتير شاطر يقدم لك الملخص، لكن لا تثق به، ستجد معلومات خطأ ونصائح خطأ مدسوسة وسط المقال أو الكلام الذي يقدمه لك بأسلوب جميل! يجب أن تتابع وراءه وتنظر في المصادر وتبحث عن المصادر الأخرى لنفس المعلومة أو السؤال.

ثالثًا: اسأل الذكاء الاصطناعي في العلوم المادية، كيمياء وطب وفيزياء وهندسة، إلخ، لكن أنصحك أن لا تسأل الذكاء الاصطناعي في الأديان أو التاريخ أو السياسة، لأنه سوف يقدم لك معلومات أغلبها خطأ أو محرفة أو حذف أجزاء مهمة منها، لأنها متأثرة بالرؤية الغربية الأمريكية المهيمنة على أغلب مواقع الإنترنت حول العالم، وفيها كثير من التزوير وإخفاء الحقائق.

رابعًا: لا يزال الذكاء الاصطناعي باللغة العربية ضعيفًا، في حين أن البحث بلغات أخرى كثيرة يتطور بسرعة مثل اللغة الإسبانية والصينية والفرنسية والروسية، فضلًا عن الإنجليزية الأمريكية طبعًا، وتعمل الدول الإفريقية حاليا على تطوير الذكاء الاصطناعي باللغات المحلية، كذلك دول أمريكا الجنوبية تقوم بتمويل مشاريع كثيرة، كذلك تعمل دولة الإمارات العربية على مشاريع ضخمة كثيرة عن طريق مؤسسة المجموعة 42.

مقالات ذات صلة:

الذكاء الاصطناعي والمنتج الفني والفن

الفلسفة وتعويذة الجي بي تي

ديب سيك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس