صفعة أخرى جديدة لحضارة الغرب
كلنا نعلم أن التاريخ الذي ندرسه مزور، ونسبة التزوير لتاريخنا وتاريخ العالم عالية جدًا بعد الحرب العالمية الثانية.
يقولون لنا إن الحرب كانت بين طرف يبحث عن نشر الحرية والديمقراطية وطرف ينشر العنصرية والديكتاتورية! بين طرف يضم الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا والاتحاد السوفيتي الشيوعي، وطرف يضم ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان.
لكن التاريخ الحقيقي يقول ويثبت لنا إن كلًا من الطرفين كان ولا يزال عنصريًا، وكلًا من الطرفين كان فيه ظلم وكبت ومعسكرات اعتقال ونهب وسرقة وقتل للبشر، وكلًا من الطرفين كان يدعي الفضيلة والدفاع عن الأخلاق والمبادئ.
الكل يعرف اليوم أن تمثيلية الديمقراطية يلعب بها من يسيطر على الإعلام والمال ويحرك الغوغاء، سواء بالخوف أو بغسيل العقول.
في حين أنها في الحقيقة حرب بين مجموعة من اللصوص على نصيب كل لص من الكعكة! مجموعة تسيطر فعليًا في أول القرن العشرين على المستعمرات، ومجموعة تطالب بنصيب من هذه المستعمرات!
ألمانيا واليابان وإيطاليا تتحقق لهم نهضة اقتصادية وعسكرية كبيرة في الثلاثينيات، فتطالب بجزء من المستعمرات، وتطالب بنصيب سياسي أكبر من الكعكة التي كانت تسيطر عليها إنجلترا وفرنسا وأمريكا. ثم يحدث صراع بين العصابتين، يفوز فيه من يملك موارد اقتصادية أكثر تجعله يستمر في الحرب وتمويل آلة القتل لفترات أطول.
ثم توزع التركة بطريقة جديدة، إذ تخرج بريطانيا وفرنسا من المستعمرات لتحل محلها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، فيما يسميه البلهاء، استقلال دول العالم الثالث والمستعمرات السابقة، في حين أنه محض تغيير التبعية من إنجلترا وفرنسا إلى الولايات المتحدة وروسيا! تحل أمريكا محل أوروبا الغربية، وتحتفظ روسيا (الاتحاد السوفيتي) بمستعمراتها في شرق ووسط وشمال آسيا وسيبيريا.
تُمتَص ثروات أوروبا، التي كانت سرقتها من المستعمرات في القرن التاسع عشر، تُمتَص هذه الثروات، سواء من عقول أو من أموال، وتنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في صورة هجرة طوعية للأموال تحت شعار الاستثمار، أو في صورة نقل لمخزونات الذهب والعقوبات والسيطرة المباشرة وغير المباشرة على المستعمرات السابقة.
اليوم نحن في مرحلة نهاية عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتراجع سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، وصعود الصين، هذا يعني أن الحرب العالمية الثالثة لو لم تحدث وتدافع أمريكا عن سيطرتها بالقوة، ستنهار وتنتهي الولايات المتحدة بعد أن ضيعت عشرين سنة في حروب عبثية لخدمة إسرائيل ومصالحها في الشرق الأوسط، وصناعة أعداء من لا شيء، في العراق وسوريا وإيران وأفغانستان واليمن وفلسطين وباكستان، إلخ.
في هذه الغفلة وفي تلك الأثناء صعدت الصين وفاجأت العالم وفاجأت الولايات المتحدة الأمريكية، مفاجأة تقدم الأسلحة الصينية الرخيصة على الأسلحة الأمريكية والأوروبية الغالية، في انتصار باكستان وإهانتها للهند وجيشها صفعة أخرى جديدة لحضارة الغرب التي تتراجع وبسرعة شديدة، وتعيش على أمجاد الماضي وقصص الآباء المؤسسين وحواديت المجد الاستعماري القديم في القرن التاسع عشر.
مقالات ذات صلة:
نرى تاريخنا بالطريقة التي كتبها الغرب
ما هو الاستعمار، وما هي دوافعه ؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا