العلاج النفسي الإيجابي .. الجزء الثاني

يرى أنصار علم النفس الإيجابي ببساطة أن علم النفس في الستين عامًا الماضية غير مكتمل. لكن على الرغم من بساطة هذا الاقتراح، فهو يتطلب تغييرًا جذريًا في المنظور. على علماء النفس المهتمين بتعزيز الإمكانات البشرية أن ينطلقوا من افتراضات مختلفة وأن يطرحوا أسئلة مختلفة عن أقرانهم الذين يفترضون نموذجًا للمرض (Peterson, 2002:1). والسؤال المطروح كيف يستخدم المعالج النفسي علم النفس الإيجابي مع عملائه؟

وُصِف العلاج النفسي الإيجابي (Positive Psychotherapy (PPT)) على يد د. طيب رشيد (Dr. Tayyab Rashid 2015) بأنه واحد من بين أهم المداخل العلاجية المستنيرة والموجهة بمبادئ علم النفس الإيجابي ونظرياته ونماذجه. يتأسس العلاج النفسي الإيجابي على مدخل يجمع في بنيته بين كل من التوجه نحو تنمية “الازدهار الإنساني”، وتحسين “طيب الحياة والهناء فيها”، وعلى ذلك تُصاغ معادلة العلاج النفسي التي تحدد الهدف الأساسي له في تحليله النهائي فيما يلي: العلاج النفسي الإيجابي = فنيات تدخلية تعليمية وإرشادية وعلاجية تستهدف تحقيق الازدهار × طيب الحياة(Positive Psychotherapy = Flourishing + Well-being). (Zetzer, 2022; Hardy & Bobes, 2017).

على ذلك يستهدف أنصار العلاج النفسي الإيجابي تمكين الأفراد من التأسيس لخبرة حياتية متوازنة يتحقق بموجبها: اختزال في الأعراض المرضية وفي الوقت نفسه تنمية مكامن القوة وبصمات الشخصية الإيجابية، إحداث نوع من التوازن بين الموارد والعتاد النفسي المتاح للشخص وفي الوقت نفسه خفض عوامل الخطورة، التعامل مع بواطن الضعف وفي الوقت نفسه دفع الشخص نحو الإبحار في الحياة بذهنية السلوك المستنير أو الموجه بقيمه الشخصية، وأخيرًا إحداث توازن بين الآمال والطموحات والندم والحسرة (Rashid, 2015: 25).

تتمثل الافتراضات الأساسية للعلاج النفسي الإيجابي فيما يلي:

الافتراضات الأساسية للعلاج النفسي الإيجابي

تنتظم افتراضات العلاج النفسي الإيجابي فيما يتعلق بطبيعة الاضطرابات السلوكية والاعتلالات النفسية وأسبابها ونشأتها ومسارها وعلاجها عمومًا بخصوص ثلاثة افتراضات أساسية:

• النظرة إلى طبيعة الاعتلال النفسي: ينشأ الاعتلال النفسي عندما تُعاق قدرات الشخص على الارتقاء والإنجاز وطيب الحياة نتيجة عوامل نفسية واجتماعية وثقافية.
• الانفعال ومكامن القوة: الانفعالات الإيجابية ومكامن القوة يفترض أن نركز على تنميتها وتقويتها وتعزيزها، ونعمل على استدامتها بقدر التعامل نفسه مع الأعراض المرضية والاضطرابات، وأن الانفعالات الإيجابية وبصمات الشخصية ومكامن القوة لها أهمية في ذاتها.
• العلاقة العلاجية: يمكن أن تتشكل العلاقات العلاجية الفعالة بمناقشة الخصائص والظروف والخبرات الإيجابية للأفراد.

وتحدد مراحل العلاج النفسي الإيجابي على النحو التالي:

مراحل العلاج النفسي الإيجابي

تتوالى مراحل العلاج النفسي الإيجابي وفقًا لعلمية علاجية ثلاثية المراحل تستخدم فيها فنيات عديدة تستهدف استقصاء أهداف العميل واستكشافها وتعرّفها وتحديدها وتنميتها، ومكامن قوته وقدراته وإمكانياته الإيجابية والانفعالات الإيجابية على النحو التالي:

1. المرحلة الأولى: التركيز على سرديات العميل واستكشاف بصمات شخصيته ومظاهر تميزه وقوته الشخصية من رؤى وزوايا متنوعة. وتُعرَّف مكامن قوة العميل إجرائيًا وتُحوَّل إلى أهداف بناءة.
2. المرحلة الثانية: التركيز على تنمية الخبرات الإيجابية والتعامل التكيفي مع الذكريات السلبية.
3. المرحلة الثالثة والأخيرة: تتضمن تنمية العلاقات الإيجابية وتعزيزها وتقويتها، المعنى، والغرض من الحياة.

للمزيد راجع:

Tayyab Rashid (2015) Positive psychotherapy: A strength-based approach, The Journal of Positive Psychology, 10:1, 25-40, DOI: 10.1080/17439760.2014.920411

Peterson, C. Special Seminar in Psychology: Positive Psychology. Fall 2006. University of Michigan, Ann Arbor. Positive Psychology Center, Course Syllabi for Teachers.

Norcross, J. C. (Ed.) (2002). Psychotherapy relationships that work: Therapist contributions and responsiveness to patient needs. New York, NY: Oxford University Press.

مقالات ذات صلة:

الجزء الأول من المقال

علاج الألم النفسي .. من أين نبدأ؟

العلاج الاجتماعي الأسري للاجئين

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا