مقالات

من نشر هذه الأفكار؟

تقول الإحصائيات والأرقام أن أكبر مشكلة يعانيها الإنسان الأمريكي اليوم هي الشعور القاتل، بل وربما المرضي بالوحدة والحرمان النفسي!

الإنسان الأمريكي والغربي لديه الأموال وليست مشكلته الأساسية الفقر ولا انعدام الأمان ولا الفوضى ولا حتى الخوف من الحكومة وأجهزة الأمن.

لكن المشكلة الرهيبة أنه يعيش في اكتئاب وعزلة وشعور قاتل ومخيف يدمر سعادته وحياته! يعود إلى منزله وحيدًا بعد يوم طويل من العمل!

مشكلته الأساسية الشعور بالعزلة والوحدة، تقول الأرقام أن 58% من الشعب الأمريكي يعاني هذا الشعور بشدة، وأن هذه النسبة كانت 46% سنة 2018، يعني في ست سنوات ارتفعت ارتفاعًا رهيبًا!

يكسب المال، يشتري الأشياء، لكن لا يستطيع الاستمتاع بها! حياته كلها علاقات سطحية تافهة متقلبة وغير مستديمة، بعض الزملاء في العمل، علاقات عبر الإنترنت، فقط! تحية صباح الخير للجيران، كله سطحي، سطحي جدًا!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا يوجد في حياته شخص يستأمنه على أسراره، أو يبوح له بما في قلبه كل ليلة.

لا توجد علاقات عميقة حميمة، كلها علاقات سطحية، تمثيليات سخيفة، والنتيجة حياة تعيسة!

ما السبب؟

اقرأ أيضاً: عندما نتآكل من الداخل

أسباب ارتفاع نسبة الاكتئاب في الولايات المتحدة

  1. تدمير أخلاقيات الأسرة ومبادئها، مما جعل الناس تبتعد عن مؤسسة الزواج والأسرة وعلاقة الأب والأبناء، والنتيجة كائنات تعمل ليل نهار في الشركة أو المؤسسة، ثم تعود وحيدة إلى بيتها الكئيب.
  2. التخويف من الزواج برفع سقف التوقعات ووضع معايير خيالية لاختيار الزوج أو الزوجة، ولو لم تتوفر، يحدث الانفصال! أو الحياة وحيدًا مع علاقات عابرة سطحية مؤقتة غير مضمونة!
  3. تشويه صورة الأسرة، وتشويه علاقات طبيعية مثل الابن مع أبيه والابنة مع الأم، والتشجيع على التمرد وعقوق الوالدين.
  4. الأنانية الشديدة، تشجيع الناس على التفكير في المتعة الشخصية البحتة دون أي استعداد للتضحية أو العطاء من أجل الأولاد أو الأسرة.
  5. غياب الدين والوازع الديني، مما جعل الناس تعيش حياة مادية كئيبة، يجمع المال، ويشتري الأشياء، لكن يفقد المتعة، دون روح ولا شعور بالأمان في القرب من الخالق وعبادة الله واللجوء إليه وقت الأزمات والمحن.

يضحك لكن لا يكون سعيدًا!

اقرأ أيضاً: حضارة الغرب ثلاث حضارات

من نشر هذه الأفكار؟

الإعلام والتعليم والإنترنت، الذين يسيطر عليهم رجال الأعمال وأصحاب المال، وأتباعهم في رجال السياسة والإعلام.

هؤلاء يقنعون الناس أن الحياة الجميلة أن تعيش وحيدًا، كي تعمل ليل نهار في شركته أو مصنعه، ثم تعود وحيدًا إلى بيتك، لتستيقظ في اليوم التالي لا يوجد شيء في حياتك غير العمل في الشركة والمصنع.

أن تتحول إلى ترس في ماكينة تحقق مكاسب أكثر لصاحب الشركة، ولا يهم أن تعيش تعيسًا، المهم هو الإنتاج.

لذلك يقنعون الرجال والنساء أن العمل في الشركة رائع، وخدمة صاحب المصنع شيء جميل، لكن خدمة الأسرة أو الزوج أو الأبناء تضييع للوقت، وشيء سخيف ومهين، ومثير للشفقة!

الحضارة الغربية .. حضارة متوحشة بجدارة

الدرس:

الحضارة الغربية حققت تزايدًا في الأشياء المادية والمال والممتلكات، مع تناقص في السعادة وشعور بالوحدة والحياة الكئيبة والشقاء والانعزال القاتل دون ونيس ولا جليس.

السبب تدمير الدين ومبادئ الأسرة التي عاشت عليها البشرية طوال التاريخ.

لذلك نجد مجتمعات بدائية وفقيرة، لكنها أكثر سعادة من أوروبا وأمريكا، لأن لديهم ترابط أسري وأخلاق ودين وعادات وتقاليد، يجدون الصحبة والأمان والونيس.

العلاج أن لا تصدق هذه الخرافات التي يقولونها لك في الإعلام والأفلام والنسوية، تحت شعار التحضر والمدنية والحداثة، إلخ من التخاريف التي دمرت حياة ملايين الناس وحرمتهم من السعادة، تعود إلى مبادئ الأسرة والدين وعاداتها وتقاليدها.

المثل المصري يقول: الجنة من غير ناس، ما تنداس! يعني لو عايش في قصر جميل، لكن وحيد، ستكون تعيسًا!

اقرأ عن: آثار الفكر الغربي على المرأة والأسرة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس