مقالات

الإلحاح في الدعاء سرًا للاستجابة

الإلحاح دا أنكَ تفضل تدعُو الله، يُوم ورا التاني، أنتَ “آه” مستنّي الاجابة ومش مستغني، بس أنتَ مُلِح.

ساعات تيجي لي رسايل من ناس تقُولي “أنا بدعُو ربنا بس مش بيقبل دُعايا” وبيكُون ناسي “الإلحاح” تمامًا!

بيتعامل مع الدعوّة كأنها مصباح علاء الدين السحري، أول ما هتقُول الكلمات المشيئة تتحقق!

الإلحاح ليه أبعاد نفسيّة عميقة جدًا، لأن ربنا مش مستني مننا الدعوّة والإلحاح بها، إنما الفكرة أنك تتسق “يقينًا” بأعماق نفسك مع “أن الله سيستجيب”.

قصة أم الإمام البخاري والإلحاح في الدعاء

كتب الإمام البُخاري قصة عجيبة حصلت في نشأتهِ؛ في بداية حياته أصيب بالعمى وكان يتيم الأب ومفيش حواليه غير والدته وبس.

والدته كانت مُواظبة على قيام الليل كل يوم، تدعي ربنا أنه يـرُد لابنها بصره ويشفيه، يوم ورا التاني وعلى الرغم من ثبوت الوضع على ما هو عليه، والإمام البُخاري زيّ ما هو، فهي مفقدتش إيمانها ولا يقينها بأن الدعاء يُغير الأقدار وإن الإلحاح بالدعاء خير.

في ليلة قامت الليل كله وفضلت تدعو ربها لشفاء ابنها بإلحاح شديد وبخشوع وخضوع شديدين لحد ما راحت عليها نومة سمعت مُنادي في المنام بيقولها: “يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك”.

قامت من النوم وقلبها بيخفق من الرؤية اللي شافتها ولما أذِّن الفجر للصلاة، لقت ابنها قام من النوم بيتوضى لوحده وبصره رجع له فبكت وسجدت لله شُكرًا وقالت: “قد جعلها ربي حقًا”.

إلحاحها بالدُعاء كان مُفتاح الحل السحري لشفاء ابنها زيّ ما كتب البُخاري ذات نفسه، بس الفكرة إن الإلحاح يحمل جُوّاه قيمة “الصبر” مُضافًا إليه يقين بأنك مصدق ومآمن تمامًا بإن بُوصلتك في الدُنيا دي “ربنا” سُبحانه وتعالى.

اللحوح لربه عنده يقين به، عنده إيمان مُطلق إن مفيش حد قادر على تغيير مُجريات الأمور إلا اللي بإيده كل شيء، الرسول صلى الله عليه وسلم بيقول في الحديث الشريف: “ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ، إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها. قالوا: إذًا نُكثِرُ. قال: اللهُ أكثرُ”.

صبر يوسف عليه السلام

الإلحاح في الدعاء

عشان كده مثلًا في قصة سيدنا يوسف كان ليل نهار يدعو ربنا لما كان في السجن بمصر أنه يفرج عنه كربه، وفضل حاله زيّ ما هو لحد ما في مرة دخل السجن اتنين من حشم الملك،

واحد طباخ والتاني ساقي الملك، المُهم إنهم الاتنين حلموا أحلام كدا وراحوا لسيدنا يوسف يحكوها ففسرها لهم وطلب من اللي هينجو منهم أنه يذكره عند الملك ويفكره بيه عشان يخرجه من السجن، بس إيه اللي حصل لما خرج الراجل من السجن؟

ربنا “سبحانه وتعالى” خلّى الراجل اللي نجا دا ينسى عشان سيدنا يوسف لجأ لعبد يشكو له وهو على يقين بأن الله يُلبي دعواه، ولأن دا مكنش لسه وقت خروجه من السجن لو كان الراجل افتكر كان فعلًا ممكن سيدنا يوسف يخرُج من السجن وقتها.

لكن دا محصلش والراجل ربنا أراد أنه ينسى عشان بعد كدا لما خرج في الوقت اللي ربنا أراد فيه أنه يخرج بقى عزيز مصر.

اللي هو ترتيب ربنا أحسن من اللي خيالك البسيط  أنت الإنسان ممكن يرتب له ويوصله.

آه سيدنا يوسف خرج من السجن، بس خروجه في الوقت السليم وتحقيق مُراده كان له نتيجة عُمر ما سيدنا يوسف عليه السلام وقتها كان يتخيلها.

يعني ساعات ربنا فعلًا بيأخر التحقيق لأنه أفضل لينا أنا دايمًا مُوقن بأنّ لو دعيت بقلب صافي وبيقين شديد، وألحيت في دُعائك ربك سيستجيب.

عساهُ استجاب بالفعل لكنهُ يُدبِر لكَ الأمُور، الإلحاح بالدُعاء مُفتاحه الصبر والصبر مُفتاحه الفرج، وتخيّل لو “الفرج” باب وراه خير كتير، مُفتاحه أنك تُلح بطاقتك الكاملة بطلبه، ولما يكُون معاك المُفتاح هيكُون عليك الصبر القُوة في إيدك كُلها بس أنتَ محتاج “يقين وصبر” شديدين.

مقالات ذات صلة:

المصريون وسيدنا يوسف

الصبر مواجهة

سعادة الإيمان بالله

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي