إصداراتمقالات

ظاهرة ال( أنتم )

ظاهرة ال( أنتم )

في إحدى الحلقات النقاشية التي يجريها الشباب، كان موضوع تلك الحلقة هو الدراسة التي قدمها الأسير الفلسطيني وليد دقة حول إعادة تعريف التعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية  .. دار حوار كالتالي ..

سألت الزميلة “المصرية ” : تعني أن المقاومة لديـ”كم” تعرضت لصهر للوعي ؟

يجيب الزميل الفلسطيني الذي يقدم الحلقة والذي كان أسيرًا في السجون الإسرائيلية لمدة أربعة أشهر بالمناسبة : نعم ..

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وتسأل زميلة مصرية أخرى : ” أنتم ” … ؟

ويجيب الزميل الفلسطيني : ..

وتسأل زميلة مصرية أخرى : أنتم ، “أنكم” .. وهكذا تلك الطريقة، ذلك الاستخدام المفرط لضمير المخاطب ألا يعتبر دليلًا على تعرضنا نحن -المصريين أو ربما العرب كلهم- أيضًا لعملية صهر للوعي ؟!

يذكر أن الدراسة التي قدمها الأسير وليد دقة والذي في غضون شهور قليلة يكون قد مضى عليه في سجون الإحتلال الإسرائيلي ثمانية وعشرون عامًا أي أن عمره الإعتقالي أكبر من عمري!
تلك الدراسة القيمة التي قدم لها الدكتور عزمي بشارة ودارت حول إعادة تعريف التعذيب الحداثي والما بعد حداثي الذي تنتهجه إسرائيل ضد الأسرى والشعب الفلسطيني بأكلمه، هو تعذيب مختلف في هدفه ووسائله، هو واقع مختلف يحياه الأسير داخل السجن، يختلف كثيرًا عما توقعه، فلا لغته تستطيع استيعاب تلك الحالة ولا هو يدرك ما يتعرض له وكيف يؤثر عليه!
انتهجت إسرائيل منذ 2004 وفقًا لما ذكره الأسير في دراسته أسلوبًا مختلفًا اعتمدت فيه على عقيدة الصدمة التي عرضت لها نعومي كلاين في كتابها، اعتمدت خطة طويلة الأمد تسعى للنفاذ لأفكار الأسير وتشويهها، وتفريغ روحه من المضمون النضالي القائم على قاعدة فكرية أساسها وحدة الشعب الفلسطيني وأرضه،  اعتمدت على إعلاء قيم القبلية في مقابل قيم الوطن الواحد، وكذلك توفير بعض الاحتياجات المادية للأسير والتي تدفع تكلفتها الحكومة الفلسطينية بالتأكيد ثم سحبها واعتمادها كوسيلة ضغط على الأسرى، وهكذا وسائل من تفرقة الشعب الواحد وتمزيق الجسد الواحد شعبًا وأسرى بكثرة الحواجز خارج السجون وبفصل الأسرى داخلها واستخدام ضباط المخابرات داخل السجون لإزكاء قيم العصبية القبلية، وغيرها من وسائل انتهجتها إسرائيل وقد آتت أكلها إلى حد بعيد للأسف وقد ساعدتها حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني!

بالنظر للدراسة التي قدمها الأسير، وتلك الحالة من التشوه الإدراكي للذات، وفقدان الإتزان الفكري ، وعدم ترتيب الأولويات، وغياب الرؤية الواضحة للعدو الحقيقي والتي أسماها الأسير عملية صهر الوعي .. أليس ذلك الأسلوب وتلك الزيادة المفرطة في ضمير المخاطب دلالة كافية على صهر وعينا نحن أيضًا؟ وكأن القضية الفلسطينية هي قضية الفلسطينيين وحدهم، وكأنهم -وهم فقط- المنوطون بمقاومة إسرائيل، ذلك العدو الذي يتربص بنا جميعًا!
إسرائيل هي العدو الأول، هي الزرع الشيطاني الذي زرعه الغرب بيننا ليحصل على خارطة الشرق الأوسط الجديد كما أرادها، وقد حقق نجاحًا كبيرًا على مستوى الوعي!
فقد أصابتنا الحالة  التي تهدف لها عمليات التعذيب الما بعد حداثي الذي تنتهجه إسرائيل في سجونها ضد الأسرى، أصابتنا ظاهرة الـ” أنتم  “.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة