مقالاتقضايا شبابية - مقالات

السياج الأخلاقي القيمي وأزمة التربية العربية

المتأمل لواقع القيم والأخلاق في بلادنا العربية يجد واقعا مؤلما من خلال سمات الأنساق القيمية المشوهة التي صبغت الواقع بصبغة قاتمة طمست ملامح هويتنا العربية الأصيلة، تجد ملامح هذا الواقع المؤلم مجسدا في مؤسسات التربية العربية والتي تئن تحت وطأة التبعية، وفقدان الثقة، وغياب الشخصية الوطنية المتزنة.

وملامح تلك التبعية المؤثرة على المنظومة القيمية التربوية تراها جلية فيما يلي:

– غياب نماذج القدوة الحسنة في مؤسسات التربية العربية تحت وطأة الإعلام والمناخ الثقافي السائد، الذي ضرب منظومة القيم التربوية العربية في مقتل.

– ضعف البنية الأخلاقية في مؤسسات التربية العربية؛ إذ لا تُحترم مقررات التربية الإسلامية أو حتى التربية المسيحية، تحت تأثير التهميش المتعمد لتلك المقررات باعتبارها لا تضاف للمجموع الكلي للطلاب، لذا فقدت قيمتها.

– التبعية المطلقة للغرب فكرا وممارسة وسلوكا شكلا وموضوعا، فإذا بشبابنا العربي أسير سطوة الثقافة الأجنبية مضحيا بمفردات الثقافة الغربية ومضحيا بثقافته العربية استجابة لدلال الثقافة الواردة وسحرها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– الاغتراب الثقافي والقيمي لشبابنا العربي في مؤسسات التعليم، والإحساس الدائم بفقدان الأمل في المستقبل، والاستسلام لتبعات البطالة وتركهم فريسة سهلة للإدمان والتطرف الفكري والتنطع المؤلم تحت وطأة الحيرة وفقدان الرغبة في النجاح.

– الاختلال القيمي العصري تحت تأثير تكنولوجيا العصر الحديث والتي شوهت ثوابت الثقافة، وحيرت الشباب العربي وجعلتهم فريسة سهلة للأيديولوجيات الممنهجة التي تستهدف تدمير النسق القيمي العربي.

وحتى لا يضيع شبابنا العربي في خضم هذا العالم المؤلم المكبل بأغلال الانهيار القيمي يجب علينا دعم الممارسات التالية:

– الإصلاح التعليمي الشامل، وترسيخ أسس المنظومة القيمية في المناهج التعليمية.

– فلترة المناهج الحالية، وحذف كل ما يتعارض مع المنظومة القيمية التربوية العربية.

– التفاوض مع وسائل الإعلام لبحث سبل المساهمة في ترسيخ المنظومة القيمية التربوية العربية، ومواجهة سطوة وسائل الإعلام التي تستهدف تدمير هويتنا العربية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– اللقاءات المباشرة مع الشباب العربي من خلال المتخصصين لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ودعم المنظومة القيمية التربوية، وترسيخ مبادئ الانتماء والولاء للوطن.

– تعزيز التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة والكيانات التطوعية المدنية للمساهمة في مشروع قومي عربي لترسيخ القيم وتعزيز الهوية العربية.

– توظيف وسائل التواصل الاجتماعي من خلال رؤية استراتيجية طموحة لتعزيز المنظومة القيمية العربية في مؤسسات التربية مواكبة لمتطلبات عصر التقنية الرقمية والانفتاح الرهيب على العالم فيما يعرف بظاهرة العولمة.

– دعم العودة إلى الجذور واستنهاض الهمة لتقدير تاريخنا العربي المشرف عبر العصور لاستلهام التجارب الناجحة وإعادة تقييم الحاضر في ضوء عراقة الماضي وأحلام المستقبل المشروعة.

ودائما ستظل التربية العربية بمؤسساتها وكوادرها المخلصة واحة أمان لمستقبل الأمة العربية، تلك الأمة التي ارتقت سلم المجد بالأخلاق ولن تعود إليه إلا باستعادتها لسمو الأخلاق، لذا فما أحوجنا اليوم لسياج أخلاقي قيمي يحافظ على هوية الأمة وعقيدتها ومعيارية قيمها وخصوصية ثقافتها وتطلعاتها المشروعة نحو مستقبل أفضل لكل أبناء الأمة العربية في مؤسساتنا التعليمية العربية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

التربية البيئية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة

التربية العربية والمنظومة القيمية الغائبة

التربية في مواجهة الإلحاد

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب

مقالات ذات صلة