مقالاتفن وأدب - مقالات

الحب وسنينه الجزء الرابع – الوقوع في الحب وبداية الطريق إلى الزواج 

معظمنا يتخذ خطوة الزواج بعد أن يمر بتجربة الوقوع في الحب. فنقابل شخصًا ما تكون صفاته الجسدية وسماته الشخصية كافية لأن تسبب لنا الصدمة الكهربية التي تثير ” إنذار الحب ” في داخلنا، ونبدأ في عملية التعرف على هذا الشخص، ربما تكون الخطوة الأولى أن نشاركه مشروبًا أو وجبة ما. اعتمادًا على الميزانية. ولكن لا يكون هذا هدفنا الأساسي، بل إننا نكون في رحلة لاكتشاف الحب “هل يمكن أن يكون هذا الإحساس الذي يشعرنا من الداخل بالدفء والتنميل، هو الحب الحقيقي؟ ”

بداية الحب أم النهاية؟

في بعض الأحيان نفقد هذا الإحساس بعد اللقاء الأول؛ حيث نجد من نقابلها في حالة مزرية ويبدأ الشعور بالتنميل في الاختفاء من أطراف أصابعنا. عندئذ نشعر بأننا لا نريد أن نشاركهم الطعام مرة أخرى، وعلى العكس من ذلك نجد أن في أوقات أخرى ” نكون فيها معاً ” وبعد فترة تزداد قوة هذا الإحساس لدرجة أننا نجد أنفسنا عندها نقول: ” أعتقد أنى واقع في الحب ”

وفى النهاية نوقن بأن هذا الإحساس هو “الحب الحقيقي ” ونخبر الطرف الآخر بهذا آملين أن يكون هذا الإحساس متبادلاً، أما إذا لم يكن متبادلاً فإما أن تقل مشاعرنا تجاهه قليلاً، أو نضاعف جهودنا حتى نؤثر عليه، ونحظى بالنهاية بحب محبوبنا، أما إذا كان الإحساس متبادلاً، عندها نبدأ في التحدث عن الزواج لأننا جميعًا متفقون على أن ” الوقوع في الحب ” هو الأساس المطلوب لعلاقة زوجية جيدة.

” قبل الزواج نحلُم بأن تكون حياتنا الزوجية في منتهى السعادة. ومن الصعب علينا عند الوقوع في الحب أن نصدق أي شيء بخلاف ذلك ”

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وفى نهاية تجربة “الوقوع في الحب ” نصل إلى الشعور بالسعادة البالغة، ونكون في مرحلة هوس عاطفي ببعضنا البعض، حيث يذهب أحدنا إلى مخدعه وهو لا يزال يفكر في الآخر، وعندما نستيقظ، يكون هذا الشخص هو أول ما نفكر فيه ، ويكون قضاؤنا للوقت معًا أروع شيء في الوجود ، وعندما تتشابك أيدينا نشعر وكأن دماء كل منا تتدفق في الآخر.

إن الشخص ” الواقع في الحب ” يكون لديه إحساس خادع بأن محبوبه مثالي؛  فترى والدته عيوب محبوبته بينما لا يراها هو ويمكن أن يرى أصدقاؤه هذه العيوب ولكن المرجح أنهم لن يخبروه بها إلا اذا تطلب منهم ذلك ، والأرجح أنه لن يفعل لأنها في رأيه مثالية فلا يهمه ما يراه الآخرون ،

“إن تجربة الوقوع في الحب لا تركز على نمونا أو نمو وتطور الطرف الآخر، بل إنها تعطينا الإحساس بأننا قد وصلنا” .

تجربة الوقوع في الحب

وقد خلُص بعض الباحثين ومن بينهم الطبيب النفسي ” سكوت بيك ” والعالمة النفسية ” دوروثى تينوف ” إلى أنه لا يمكن إطلاق كلمة حب على تجربة الوقوع في الحب بأي حال من الأحوال . وقد نحتت العالمة ” تينوف ” لتجربة الوقوع في الحب كلمة limerance، والتي تعنى الهزل لتميزها عما يعتبر حبًا حقيقيًا، وخلُص الدكتور ” بيك ” إلى أن تجربة الوقوع في الحب لا تعتبر حبًا حقيقيًا لثلاثة أسباب:

أولها أن الوقوع في الحب ليس عملاً إراديًا، ولا يكون فيه اختيار للوعي، ولا يهم الى أي مدى نحن نريد أن نقع في الحب: لأنه لا يحدث تبعًا لذلك، وعلى النقيض فإننا ربما لا نرغب في خوض هذه التجربة بينما نحن غارقون فيها وغالبًا ما نقع في الحب في الوقت غير المناسب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وثانيها: الوقوع في الحب لا يعتبر حبًا حقيقيًا؛ لأنَّ الشخص لا يبذل أي جهد في ذلك، فكل ما هو مطلوب في حالة الوقوع في الحب تنظيم بسيط وجهد واع.

ثالثها: أنَّ الشخص الذي “يقع في الحب” لا يهتم في الحقيقة بتشجيع النمو الشخصي للطرف الآخر، “إذا كان لدينا أي هدف في عقلنا عند الوقوع في الحب فلابد أن يكون إنهاء الوحدة التي نعيشها، وربما يكون الزواج لتأكيد انتهائها.

إن تجربة الوقوع في الحب لا تركِّز على نمونا أو نمو وتطور الطرف الآخر، بل إنها تعطينا الإحســاس بــأننا قــد وصــلنا وأننــا لا نحتــاج إلــى أن ننمــو أكثــر مـن ذلـك، فنشـعر بـأننا قـد حصـلنا علـى أكبـر قـدر مـن الحـب يمكـن أن نحصـل عليـه فـى الحيـاة، وبالتأكيد فإننا نرى أنَّ الطرف الآخر ليس بحاجة إلى أن ينمو لأنه كامل بالفعل، ونرغب فقط أن يظل مثاليًا.

إذا لم تكن تجربة الوقوع في الحب حبًا حقيقيًا، فماذا تكون؟

يدورون فى مدار عاطفي كأي شيء مروا به من قبل، وكأن هذه التجربة تجعلنا نفقد قدرتنا العقلية، ونجد أنفسنا أحيانًا نفعل ونقول أشياءً ما كنا لنفعلها في أوقات أكثر جدية من تلك الأوقات، وفى الحقيقة، عندما نفيق من هذا الهوس العاطفي فإننا غالبًا ما نتعجب ونتساءل كيف فعلنا أشياءً كهذه،

وعندما تخمد هذه الموجات من المشاعر ونعود إلى الحياة الحقيقية؛ حيث تبرز الاختلافات التي توجد بيننا، يتساءل معظمنا: “لماذا تزوجنا؟ فليس بيننا أي قاسم مشترك”، إلا أنه فى أوج مرحلة الوقوع فى الحب، نعتقد أننا نتفق فى كل شيء، أو على الأقل فى الأشياء المهمة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

” إن الحب العاطفي والإرادي هو الحب الذي يدعونا إليه الحكماء والعقلاء ”

هل هذا يعنى أننا عندما نُخدَع بوهم الوقوع فى الحب ونتزوج، فإنه يكون أمامنا أحد خيارين:

(1) أن يكون قَدَرُنَا أن نحيا حياة بائسة مع شريكنا فى الحياة، أو

(2) أن نهرب من هذا الزواج ونحاول مرة أخرى؟ وقد اختار جيلنا الخيار الثاني، فى حين أن الجيل السابق كان عادة ما يختار الخيار الأول، وقبل أن نستخلص بطريقة تلقائية أننا اخترنا الخيار الأفضل،

ربما يتوجب علينا أن ندرس بعض البيانات؛ ففي الوقت الحالي، هناك 40 % من حالات الزواج الأولى تنتهي بالطلاق، وتنتهى60% من حالات الزواج الثانية، و75 % من حالات الزواج الثالثة نفس النهاية؛ وتُظهر هذه البيانات أنَّ احتمالية الحصول على السعادة فى المرة الثانية أو الثالثة ليست حقيقية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تجربة الوقوع في الحب

ويبدو من هذا البحث أنَّ هناك بديلاً ثالثًا جيدًا وهو أننا لابد وأن نعطى تجربة الوقوع فى الحب قدْرها الحقيقي كمرحلة اهتياج عاطفي مؤقت بعدها نبدأ البحث عــن الحــب الحقيقي مــع شــريكنا فــى الحيــاة، وهــذا الحــب وجداني بطبيعتــه ولكنــه لــيس هوســيًا، إنــه الحــب الــذى يــربط بــين العقـل والعاطفـة، إنـه يـرتبط بـالإرادة ويتطلب النظام ويعترف بالحاجة إلى التطور الشخصي، إنَّ أكثر

ما نحتاج إليه من الناحية العاطفية ليس أن نقع فى الحب، ولكن أن نشعر بالحب من غيرنا، وأن نصادف الحب الذى يكون من خلال العقل والاختيار وليس الغريزة؛ فالمرء يحتاج إلى أن يشعر بالحب من شخص اختار أن يحبه، ورأى فيه شيئًا يستحق حبّه.

وهذا النوع من الحب يحتاج إلى جهد ونظام، إنه الاختيار الذى يجعلك تبذل كل طاقتك من أجل الطرف الآخر، مقتنعًا أنَّه إذا أثمر ما فعلته فى تحسين حياة من تحب، فإنَّك ستشعر بالرضا لأنك أحببت شخصًا ما حبًا حقيقيًا، وذلك لا يتطلب الشعور بالسعادة الغامرة التي تُحس عند الوقوع فى الحب، وفى حقيقة الأمر، فإنه لا يمكن للحب أن يبدأ إلا بعد المرور بتجربة الوقوع فى الحب، وتأخذ هذه التجربة دورتها.

الهوس بالحب و الحب الحقيقي

إننــا لا نســتحق أي مــدح علــى كــل الأشــياء التي نفعلــها ونحــن تحــت تــأثير هــذا “الــهوس بــالحب”؛ لأننــا نفعــل ذلــك تحـت تـأثير القـوة الغريزيـة التي تتجـاوز قواعـدنا السلوكية العادية، ولكن بمجرد أن نعود إلى العالم الحقيقي للاختيار البشرى، ونختار أن نكون عطوفين ومتسامحين، فإن هذا هو الحب الحقيقي.

إن الحاجة الوجدانية إلى الحب لابد وأن تُلبِّى إذا كنا نرغب فى أن نتمتع بحياة عاطفية سليمة، ويتوق الأشخاص البالغون المتزوجون إلى الشعور بالحب من قِبَل الطرف الآخر، فنحن نشعر بالأمان عندما نكون متأكدين من أنَّ شريكنا فى الحياة يقبلنا ويريدنا وأنه مخلص لنا، لقد كنا نشعر بكل هذه المشاعر عندما كنا في مرحلة الوقوع فى الحب، وكان الإحساس رائعاً عندما استمر لفترة من الزمن، وكان خطؤنا فى أننا شعرنا بأنه سيستمر للأبد.

خبر سار للمتزوجين

ولكن لم يكن لهذا الشعور أن يستمر؛ فطبقاً لقواعد الزواج فهو لا يعدو كونه مجرد مقدِّمة، أما ما يقوم عليه الزواج فهو الحب العقلي الاختياري، وهذا هو الحب الذى يدعونا إليه الحكماء، وهذا ينطبق على كل المجتمعات.

وهذه تُعَد أخبارًا سارة للمتزوجين الذين فقدوا الأحاسيس التي كانت فى مرحلة الوقوع فى الحب؛ لأنه إذا كان الحب اختيارًا، إذن فإنه فى وسعهم أن يبادلوا الحــب مـرة ثانيـة بعـد أن انتـهت مرحلـة الـهوس التي صـاحبت “الـوقوع فـى الحـب”، وعـادوا إلـى الحيـاة الحقيقيـة مـرة أخـرى،

هـذا النـوع مـن الحـب يبـدأ بعـد سـلوك طريقة معينة فى التفكير، فالحب هو النهج الذي يقول: “أنا متزوج من هذا الشخص، وقد اخترت أن أهتمَّ لأمره”، عندئذٍ سيجد الشخص الذي اختار أن يحب الطرق المناسبة للتعبير عن القرار.

وربما يقول البعض: “ولكن هذا يبدو نظاماً عقيماً، أيكون الحب نهجًا له سلوكيات معينة؟ فكيف يحُس المرء بالمشاعر السامية، والأحاسيس العميقة؟ وماذا عن روح المشاركة، ووميض العيون، وحرارة القُبَل، وماذا عن الأمان العاطفي الذي يشعر به المرء عندما يعلم أنَّه أهم أولويات من يحب؟

وتلك هي الموضوعات التي يناقشها هذا الكتاب: كيف يمكن أن نلبِّى حاجة الطرف الآخر العاطفية العميقة بأن نجعله يشعر بأنه محبوب؟ إذا تعلَّمنا ذلك واخترنا أن نفعله، سيشعرنا الحب الذي نعيشه بإثارة أكثر من تلك التي شعرنا بها فى وقت آخر.

خزان الحب هو الحل إذاً

عنــدما يكــون خزَّان الحــب الخـاص بشـريكك فـى الحيـاة ممتلئـًا ويكـون متأكـدًا مـن حـبِّك، سـيكون العـالم بالنسـبة لكمـا أكثر إشـراقًا، وسـيتمكن هـو مـن الوصـول إلـى أفضل فرصة له فى الحياة،

ولكن إذا كان خزَّان الحب فارغًا ويشعر شريكك بأنه مُستغَل وليس محبوباً، سيبدو العالم قاتمًا ولن يصل أبدًا  إلى أي فرصة جيدة فى هذه الحياة، وفى الفصول الخمسة التالية سأشرح اللغات الخمس للحب، وفى الفصل التاسع سأشرح لك كيف أن اكتشاف لغة الحب الأساسية لشريكك فى الحياة يمكن أن يجعل كل ما تفعله للتعبير عن حبك فعَّالاً لأقصى درجة.

من كتاب لغات الحب الخمس لجارى تشابمان

 

اقرأ أيضاً :

الحب و سنينه (الجزء الأول) … ماذا يحدث للحب بعد الزواج؟

الحب وسنينه (الجزء الثاني) …. الحفاظ على خزان الحب ممتلئًا

الحب وسنينه (الجزء الثالث) .. كلمات التشجيع وأساليب التعبير

محمد سيد

عضو بفريق بالعقل نبدأ أسيوط

مقالات ذات صلة